عيد "جارشما سَر سالي".. رأس السنة الإيزيدية واحتفاء بانبعاث الخليقة
قبل 3 أيام منوعات
يحتفل الإيزيديون في العراق والعالم، اليوم الأربعاء، بعيد رأس السنة الإيزيدية المعروف بـ"جارشما سَر سالي"، والذي يصادف الأربعاء الأول من شهر نيسان الشرقي وفق التقويم الإيزيدي، ويأتي بفارق ثلاثة عشر يوماً عن التقويم الميلادي الغربي.
ويُعد هذا العيد من أقدس المناسبات الدينية لدى الإيزيديين، إذ يرمز إلى يوم انبعاث الخليقة وبداية الكون، ويجسد تجدد الحياة ودخول موسم الخصب والربيع، ولذلك يُطلق عليه أيضاً "جارشما نيساني"، إشارةً إلى شهر نيسان الذي يُعرف في الموروث الديني الإيزيدي بـ"عروس السنة".
وتُقام الطقوس والمراسم الدينية في معبد لالش النوراني، حيث يتوافد الزوار من مختلف المناطق للمشاركة في الاحتفالات والصلوات، وتزيَّن مداخل المعبد ومحيطه بالورود والرموز الدينية، في مشهدٍ روحي يعكس عمق المعتقد وتمسّك المجتمع الإيزيدي بإرثه.
وتبدأ طقوس العيد بزيارة القبور صباحاً وقراءة الأدعية على أرواح الراحلين، كما ترتدي النساء ملابسهن التقليدية الزاهية ويرافقن أزواجهن في هذه الزيارات. وتتبعها تبريكات ولقاءات عائلية واجتماعية، تتخللها أجواء من الفرح والبهجة والرقصات الفلكلورية والدبكات الشعبية في أحضان الطبيعة.
من أبرز الرموز الطقسية المرتبطة بهذا العيد تلوين البيض، الذي يُعبّر عن الأرض في بدايات تكوينها عندما كانت مائعة، بحسب المعتقد الإيزيدي. ويُكسر البيض وتُنثر قشوره على المزروعات لجلب البركة ودرء الشر، كما تُعلق شقائق النعمان مع قشور البيض والطين فوق عتبات البيوت، إيذاناً بقدوم الربيع وتجدّد الحياة.
ويُمنع الزواج خلال شهر نيسان كاملاً في تقليد متوارث، كون الطبيعة تُعد "عروس السنة"، ويُسمى الشهر بالإيزيدية "بُوكا سالي".
وعلى الرغم من بعض التسميات المغلوطة التي حاولت اختزال العيد تحت مسمّى "الأربعاء الأحمر"، وهو وصف دخيل لا يُعبّر عن المعنى الروحي والتاريخي الحقيقي، إلا أن الإيزيديين يواصلون تمسّكهم باسمه الأصلي وطقوسه، مؤكدين أن المناسبة تمثل رسالة سلام داخلي وتناغم مع الكون، وجزءاً لا يتجزأ من هويتهم الدينية والثقافية.
ويُعد "جارشما سَر سالي" من أقدم الأعياد المستمرة في العالم، ويتميّز بتفرده عن بقية التقاويم الدينية، إذ يبدأ من لحظة التكوين لا من حدث تاريخي لاحق. وتكمن رمزيته في كونه احتفاءً بالحياة والضوء والتوازن الكوني، وهي مفاهيم مركزية في الفلسفة الدينية الإيزيدية.