كيف نواجه هذا التحدي الضخم

أواز سليم عبدالله

27/07/2023

تتزايد الأدلة العلمية يوما بعد يوم على أننا نشهد تأثيرات كارثية نتيجة للتغيرات في نظام الطقس العالمي، هذه التغيرات البيئية تؤثر على النظم البيولوجية، البيئة، والاقتصاد بشكل لا رجعة فيه، وتهدد صمود الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان.
الارتفاع السريع في درجات الحرارة، وانبعاثات الغازات الدفيئة، وانحسار طبقة الأوزون، كلها علامات على التغيرات الكبيرة التي تحدث في كوكبنا، الأحداث الجوية القاسية، مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، أصبحت أكثر شيوعاً وحدوثا عندما تزايدت الاحتباس الحراري وتغير نمط الهواء والمحيطات.
على الرغم من أن هذه التغيرات البيئية لها تأثيرات عالمية، إلا أن الاثار تختلف من منطقة إلى أخرى حيث تتضمن هذه التأثيرات الارتفاع المستمر في مستوى سطح البحر، مما يؤدي إلى غرق المناطق الساحلية وتهجير الملايين من الأشخاص، فضلا عن تهديد التنوع الحيوي الذي يتواجد في البيئات المائية الغنية.
تأثيرات التغيرات المناخية لا تقتصر على الطبيعة فقط، بل تمتد أيضا إلى الاقتصاد والمجتمعات،تؤدي تلك التحولات إلى نقص في الموارد الطبيعية، وارتفاع أسعار الغذاء، وتدمير البنى التحتية، مما يضر بالنمو الاقتصادي ويؤدي إلى تزايد الفقر والعوز.
من أجل مواجهة هذا التحدي الضخم، يجب أن تعمل المجتمعات والحكومات والشركات والأفراد سوياً للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة واعتماد سياسات بيئية مستدامة و يتطلب التصدي لهذه الأزمة التعاون العالمي واتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة.
في النهاية، لا يمكننا تجاهل الحقائق العلمية والتحذيرات المتكررة من العلماء بشأن تداعيات التغيرات المناخية، والتصدي لهذا التحدي هو واجبنا الجماعي، وعلينا أن نعمل بقوة وإصرار للحفاظ على كوكبنا وجعله مكانا أفضل للجميع.
التغيرات المناخية تؤثرعلى جميع دول العالم، ولكن بالطبع تختلف درجة التأثير من دولة لأخرى بناء على عدة عوامل، بما في ذلك الجغرافيا والموقع الجغرافي والاقتصاد ومدى تلوث الهواء وغيرها من العوامل.
الدول التي ستعاني من التأثيرات البيئية والاقتصادية الكبيرة بسبب التغيرات المناخية:
الدول الجزرية الصغيرة: تشمل الدول مثل مالديف وتوفالو وكيريباتي والمارشال، وهي عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيرات أخرى مباشرة بسبب قربها من المحيطات.
بنغلاديش: يتوقع أن يتأثر هذا البلد الواقع في جنوب آسيا بشدة بارتفاع مستوى سطح البحر والأحداث المناخية القاسية مثل الفيضانات والإعصارات.
المنطقة القطبية: تشمل الدول الموجودة على طول المناطق القطبية الشمالية والجنوبية، مثل النرويج وكندا ، وتشهد ارتفاع درجات الحرارة بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي وذوبان الجليد القطبي.
الصحراء الكبرى في أفريقيا: تعاني الدول في هذه المنطقة مثل الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي من الجفاف المتزايد وندرة المياه.
أستراليا: يتوقع أن تشهد أستراليا تزايدا في حدة الحرائق الغابات والجفاف وتأثيرات على الزراعة بسبب التغيرات المناخية.
بعض الدول الأوروبية: من بينها نيدرلاند وبلجيكا والسويد، والتي تشهد ارتفاعا في مستوى سطح البحر وتعرض لتغيرات في نمط الأمطار والمناخ.
العراق
العراق هو أحد البلدان التي تتأثر بشدة بالتغيرات المناخيةويشهد العراق تأثيرات سلبية من التغيرات المناخية على عدة جوانب من الاقتصاد والبيئة والمجتمع ومن بين التأثيرات الرئيسية التي تشهدها البلاد:
ارتفاع درجات الحرارة: يلاحظ أن العراق يواجه زيادة في درجات الحرارة على مر العقود، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة الصيفية إلى مستويات قياسية،ويؤثر هذا الارتفاع على الزراعة والاقتصاد بشكل عام ويزيد من الطلب على استخدام أجهزة التبريد.
نقص المياه: يواجه العراق أزمة مائية حادة نتيجة انخفاض مستوى المياه في الأنهار والبحيرات وبالتالي تعاني العديد من المناطق من ندرة المياه العذبة، مما يؤثر على الزراعة وتوفير المياه الصالحة للشرب.
الجفاف والفيضانات: يشهد العراق انقطاعا في التوازن المناخي، حيث تتعرض بعض المناطق للجفاف المتزايد بينما تشهد مناطق أخرى فيضانات عارمة
الأهوار: تعتبر الأهوار العراقية من أهم الموارد الطبيعية في البلاد، لكن تغير المناخ وممارسات الري غير المستدامة أدت إلى انخفاض مستوى سطح المياه في هذه المناطق وتأثير ذلك على التنوع البيولوجي ومصادر المياه العذبة.
الزراعة والأمن الغذائي: تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الزراعة في العراق، حيث تزداد التحديات في توفير المياه اللازمة للزراعة وتنمو الآفاق الصحراوية بسبب تدهور التربة و هذا يؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي للبلاد.
تحاول الحكومة العراقية أن  تتبني سياسات بيئية واستراتيجيات للتكيف مع التغيرات المناخية ومواجهة تحدياتها، لكن التحديات لا تزال كبيرة وتتطلب تعاوناً دوليا وجهودا مشتركة للتصدي لآثار التغيرات المناخية على المستوى العالمي والإقليمي.
دول جيران العراق مثل تركيا وإيران لها دور كبير في مشاكل المياه التي يواجهها العراق،و يتعلق هذا الدور بالسياسات والمشاريع المائية التي تنفذها هذه الدول وتأثيرها على تدفقات المياه النهرية المتجهة إلى العراق، من بين النقاط الرئيسية لتأثير دول الجوار على المشاكل المائية في العراق:
السدود وتخزين المياه: تركيا وإيران بنيتا عددا من السدود على الأنهار التي تمر في أراضيهم، وهذه السدود تسمح لهم بتخزين كميات كبيرة من المياه. هذا التخزين يؤثر على تدفق المياه إلى العراق، خاصة في فصل الصيف عندما يكون الطلب على المياه مرتفعا.
قلة التعاون المائي: تواجه الدول الثلاث تحديا في التعاون المشترك لإدارة موارد المياه بطريقة مستدامة، قد تسبب النزاعات السياسية والاقتصادية بين هذه الدول عدم التوافق حول الاستخدام المشترك لمصادر المياه المشتركة.
الزيادة في الاستهلاك: ترتفع معدلات الاستهلاك المائي في جميع البلدان المجاورة للعراق نتيجة للنمو الاقتصادي وزيادة السكان، هذا يؤدي إلى زيادة الطلب على المياه وقد يؤثر على مصادر المياه المشتركة.
تغير المناخ: يعتبر تغير المناخ عاملا مؤثرا في مشاكل المياه في المنطقة، تتغير أنماط الأمطار والجفاف، ويؤدي ذلك إلى زيادة التوتر على الموارد المائية المشتركة.
من أجل التغلب على هذه التحديات، يجب على الدول الجارة للعراق أن تعمل بشكل منسق وتتبنى سياسات تعاونية لإدارة موارد المياه بشكل فعال ومستدام ويمكن أن تكون للمؤسسات الدولية والمنظمات الإقليمية دورا مهما في تيسير هذا التعاون وتحقيق التوافق بين الدول للتصدي لمشكلات المياه وتحقيق الاستدامة البيئية في المنطقة.
أن دور كل فرد في الحفاظ على البيئة والمياه هو جزء أساسي من التحدي العالمي للحفاظ على الكوكب والاستدامة البيئية، يمكن لكل فرد أن يلعب دورا فعالا في المساهمة بحماية البيئة والحفاظ على المياه من خلال اتباع بعض الخطوات البسيطة وتبني التوجهات البيئية الإيجابية ومنها :
التوعية والتعليم: يمكن للفرد أن يبدأ بالتعلم حول قضايا البيئة والمياه والتغيرات المناخية، من خلال التوعية بأهمية حماية البيئة والمشاركة في النقاشات المجتمعية.
ترشيد استهلاك المياه: يمكن لكل فرد أن يحافظ على المياه من خلال التعامل الحكيم مع استهلاكها في الحياة اليومية، تشمل الطرق الفعالة لترشيد استهلاك المياه إصلاح التسريبات واستخدام أجهزة توفير المياه وتجنب ترك الصنابير مفتوحة بشكل غير ضروري.
التحول إلى مصادر الطاقة المستدامة: يمكن للأفراد دعم استخدام مصادر الطاقة الجديدة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، والتخلي عن الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يساهم في انبعاث الغازات الدفيئة.
إعادة التدوير والتخلص الصحيح من النفايات: يمكن للفرد المساهمة في إعادة التدوير والتخلص الصحيح من النفايات، مما يساهم في تقليل الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية والحد من التلوث البيئي.
الاهتمام بالبيئة المحيطة: يمكن للفرد أن يساهم في الحفاظ على البيئة المحيطة من خلال المشاركة في أنشطة التنظيف للمناطق العامة والحدائق.
المشاركة في المبادرات البيئية: يمكن للفرد المشاركة في المبادرات البيئية والانضمام إلى الجمعيات والمنظمات البيئية المحلية لتعزيز جهود الحفاظ على البيئة والمياه.
دعم السياسات البيئية: يمكن للفرد أن يدعم السياسات والقوانين التي تهدف إلى حماية البيئة والمياه من خلال المشاركة في العملية الديمقراطية والتصويت للمساهمة في صنع القرار.
 وأخيرا وبالتعاون المشترك والجهود الفردية، يمكن للناس أن يحدثوا تأثيرا إيجابيًا على البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group