ثمة قانون طبيعي يدعى (الجهود المهدورة) وهو القانون الذي تعمل به الحيوانات كلها، فالأسد، مثلاً، لا ينجح في الصيد إلا في ربع محاولاته، أي أنه يفشل في 75 في المئة، وينجح في 25 في المئة منها فقط، وبرغم هذه النسبة الضئيلة التي تشاركه فيها معظم الضواري إلا أنه يستحيل على الأسد أن ييأس من محاولات المطاردة والصيد، والسبب الرئيسي في ذلك ليس الجوع كما قد يظن البعض، إنما استيعاب الحيوانات لهذا القانون. وهكذا يتم التهام نصف بيوض الأسماك، ونصف مواليد الدببة حيث تموت قبل البلوغ، كما أن معظم أمطار العالم تهطل في المحيطات، ومعظم بذور الأشجار تأكلها العصافير. وحده الإنسان من يرفض هذا القانون، ويعد أن عدم نجاحه في بضع محاولات يجعل منه إنساناً فاشلاً، لكن الحقيقة هي أن الفشل الوحيد هو التوقف عن المحاولة، فالنجاح ليس أن يكون لديك سيرة حياة خالية من العثرات والسقطات، بل النجاح هو أن تمشي فوق أخطائك، وتتخطى كل مرحلة ذهبت جهودك فيها هدراً، وتتطلع الى المرحلة المقبلة. الفشل حقيقة قاسية ليس بمقدور أي شخص تحمل آلامها، لكن لماذا لا نبحث عن الأسباب؟ لماذا لا نواجه أنفسنا حين نفشل قبل أن نلوم حظنا كما لو أن النجاح مسألة حظ لا أكثر، رغم أن دروس الحياة تؤكد أن آلاف الأشخاص الناجحين ذاقوا طعم الهزيمة والخيبة والاحباط، ومروا بتجارب مجهضة، لكنهم لم يتوقفوا أمام عثرات الطريق، وواصلوا التحدي إلى آخر الشوط. ويمكن لنا، أيضاً، أن نكون بطوليين مثلهم تماماً. الفشل لا يكون دائماً نتيجة ظروف خارجية، وليس من الصواب القاء المسؤولية على الآخرين عند عدم النجاح، فالفشل في النهاية هو نتاج كلي لقراراتنا الخاصة غير المنضبطة والأنانية في كثير من الأحيان، وهو محصلة الأوضاع التي تلاعبنا بها بلا مبالاة، كما أنه ثمرة الأشياء التي خاطرنا بها عن طواعية ظناً منا أنها ستقودنا إلى ما هو أفضل. إذا أردنا أن ننجح علينا أن نؤمن بأنفسنا في أعقاب أي خطأ نرتكبه، وبدل أن نلجأ إلى خداع الذات بالأوهام واختلاق التبريرات، علينا الاعتراف بأخطائنا التي يمكن تجنبها، وأن نحاول تجاوزها، ونستمر في المحاولة مرة أخرى، وأن نحفز خيالنا من أجل أفكار جديدة، وخطط جديدة تساعدنا في الوصول إلى الهدف. لو كانت هنالك من وصفة سحرية تلخص فكرة النجاح، فستكون بكل بساطة: استمر، ولا تنظر إلى الوراء.