باربي في معرض بلندن وفي الذكرى الخامسة والستين لظهورها على أرفف المتاجر الأميركية

24/07/2024 منوعات
في خمسينيات القرن الماضي، عرضت سيدة الأعمال الأميركية، روث هاندلر، على شركة ماتيل (Mattel) للعب الأطفال نموذجاً لدمية على هيئة شابة يافعة أطلقت عليها اسم "باربي". وسرعان ما تبنت الشركة هذا النموذج، وبدأت بإنتاجه عام 1959، لتنتشر هذه الدُّمية على نطاق واسع، وتتحول باربي مع الوقت إلى جزء مهمّ من النسيج الثقافي الشعبي في الولايات المتحدة الأميركية.
منذ الخمسينيات حتى اليوم
منذ ظهورها، فجّرت باربي العديد من السجالات حول الهيمنة الثقافية والمعايير القياسية للجمال، وكانت حاضرة حتى في النضالات النسائية من أجل الحقوق والحريات والمساواة. مثلت الدمية البلاستيكية الشهيرة، أيضاً، مصدر إلهام للعديد من الفنانين ونموذجاً للثقافة الشعبية الاستهلاكية. من بين أبرز الفنانين الذين التفتوا إلى رمزية هذه الدمية، يأتي الفنان الأميركي الشهير آندي وارهول، الذي وظف صورتها في عمله "بيلي بوي" (BillyBoy) الذي قدمه في ثمانينيات القرن الماضي.
تقديراً لأهمية هذه الدمية وحضورها البارز في الثقافة المعاصرة، يستضيف متحف التصميم في لندن معرضاً استثنائياً حول الدمية بعنوان Barbie: The Exhibition.
يستكشف المعرض تطور تصميم هذه الدمية الشهيرة، منذ ظهورها في خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم. يتتبع المعرض التغيرات التي طرأت على الدمية باربي ومحيطها الخيالي، من الأزياء والأثاث، إلى السيارات وتصميم المنزل، وغيرها من التفاصيل المرتبطة بهذه الدمية الشهيرة.
يستمر المعرض حتى 23 من فبراير/شباط المقبل، ويضم 250 عنصراً مرتبطاً بالدمية الشهيرة، بينها 180 نسخة مكررة من الدمية نفسها. ويأتي المعرض في أعقاب فيلم باربي الذي لاقى جماهيرية كبيرة، وأدت دور الدمية فيه الممثلة الأسترالية، مارغو روبي، وأدى فيه دور صديقها كين الممثل الكندي ريان غوسلينغ.
يُنظم المعرض تزامناً مع الذكرى الخامسة والستين لظهور الدمية الشهيرة على أرفف المتاجر الأميركية، مستكشفاً المسار الذي اتخذته هذه الدمية حتى احتلت مكانتها أشهرَ دميةٍ في العالم. كيف تغير تصميم باربي مع مرور السنوات؟ وكيف واكب هذا التصميم التغيرات التي طرأت على العديد من المفاهيم الاجتماعية والثقافية السائدة في الولايات المتحدة والعالم؟ كلها تساؤلات مُهمة وضعها منسقو هذا العرض الاستثنائي في الحسبان حين شرعوا في التخطيط له.
تشمل نسخ باربي التي يضمها المعرض أول نسخة على الإطلاق من هذه الدمية، إذ نراها ترتدي ملابس سباحة مُخططة، وتصفف شعرها على هيئة ذيل حصان. تعرف هذه النسخة تحديداً عند هواة جمع الدمى النادرة باسم باربي رقم 1. تشمل النسخ المعروضة أيضاً نسخة باربي التي أنتجت في الثمانينيات، وتلك ذات الشعر الطويل التي انتشرت في التسعينيات، وهي أكثر النسخ من هذه الدمية مبيعاً على الإطلاق، إذ باعت الشركة المنتجة أكثر من عشرة ملايين من هذه النسخة.
تسلط الدمى الأخرى الضوء على تنوع مجموعة باربي وانفتاحها على الثقافات الأخرى بإنتاج نسخة بملامح أفريقية وأخرى آسيوية، كما أُنتجت باربي اللاتينية. إلى جانب هذا الانفتاح الذي شهدته دمية باربي على الثقافات الأخرى، أنتجت نسخ مُختلفة من هذه الدمية تقديراً للحالات الخاصة، فظهرت في بداية الألفية أول نسخة من باربي مصابة بمتلازمة داون، وأول دمية تستخدم الكرسي المتحرك. يضم المعرض أيضاً أصدقاء باربي القريبين: ميدج وكريستي وتيريزا، والأخت الصغرى لباربي سكيبر. وهناك قسم مخصص أيضاً لكين، صديق باربي، وكيف تطورت هيئته خلال ستة عقود، منذ ظهوره لأول مرة في عام 1961.
يحتفي المعرض بالفكرة الثورية التي تمثلها باربي دميةً لفتاة، في مخالفة لما كان سائداً من تمثيل الدمى لأطفال صغار. يتتبع المعرض أيضاً تأثير باربي على الفن والموضة والموسيقى، وحتى المنجز العلمي. بين الدمى المعروضة، هناك واحدة تمثّل رائدة الفضاء الإيطالية سامنثا كريستوفريتي، وهي أول امرأة تترأس محطة الفضاء الدولية. هذه النسخة نفسها سافرت مع رائدة الفضاء الإيطالية إلى المحطة الدولية عام 2022، وحلقت حول الأرض لمدة ستة أشهر. أعربت رائدة الفضاء الإيطالية حينها عن أنها تأمل أن تلهم الدمية التي ترتدي بدلة الفضاء الفتيات الصغيرات على الاهتمام بدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
بيت الأحلام هو من بين العناصر المهمة التي يُسلط المعرض الضوء عليها، وهو البيت الخاص بالدمية باربي، ذو الطراز المميز. ظهر هذا البيت بين تجهيزات الدمية الشهيرة لأول مرة في بداية الستينيات من القرن الماضي، وسرعان ما أصبح أحد أهم العناصر المرتبطة بهذه الدمية. يوثق المعرض تطور هذا المسكن منذ ظهوره عام 1962 وحتى اليوم، وكيف تغير تصميمه مع الوقت. يضم المعرض ستة تصميمات مختلفة من هذا البيت، بداية من أول مسكن ظهر على أرفف متاجر الألعاب في الولايات المتحدة، وإلى آخر بيت لها في عام 2021 .
على الرغم من هذا التنوع والانفتاح الذي تتمتع به الدمية باربي اليوم، لا تزال مثيرة للسجالات الثقافية، إذ يعتبرها بعضهم رمزاً للهيمنة الأميركية، مثلها مثل منتجات أخرى تُنتج في الولايات المتحدة، كما يتهمها آخرون بأنها قد ساهمت في ترويج نموذج وحيد ومهيمن من المعايير الجمالية. ولكن على الرغم من الخلاف حول هذه الدمية، ستظل بلا شك واحدة من أهم العلامات البارزة في ثقافتنا المُعاصرة.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group